الأربعاء، 1 أغسطس 2012

محاضرات في الاسس الابستملوجيا لعلم النفس(منقول للافاذة)الجزء1



محاضرات الأستاذ الحوزي                      مادة: الأسس الابستمولوجيا لعلم النفس
المحور الأول: تعريف الابستيمولوجيا وعلاقتها بالحقول المعرفية الأخرى.
المحور الثاني: الأسس النظرية والعلمية لعلم النفس.

 تعريف الابستيمولوجيا وعلاقتها بالحقول المعرفية الأخرى:
 عرف القرن 19 تطورات مهمة في ميدان الرياضيات أدت إلى وضع أسس المذهب الاكسيوماتيكي باعتباره منهجا فرضيا واستنباطيا، وتم تجاوز بعض البراهين الرياضية الكلاسيكية مثل برهان للخلد، وكذلك الأمر في ميدان العلوم الطبيعية وعلى الخصوص في مجال الفيزياء، خاصة مع اكتشاف عالم الذرة الجزئية المتناهية في الصغر، انطلاقا من نظريات كوانطو الطاقة الذي وضعها ماكس بلونك، ثم النظرية النسبية التي جاء بها اينشتاين. تلك الاكتشافات أبانت عن قصور المنهج التجريبي الكلاسيكي: (من الملاحظة إلى الفرضية، والتجربة، وصياغة القانون) فوجد العلماء أنفسهم مضطرين إلى إتباع طرق جديدة للبحث أدت إلى تغيير جذري في المفاهيم. وهو الشيء الذي جعل السؤال الوضعي الكلاسيكي مع أوكست كونت، ما الجدوى من البحث في الميتافيزيقا يستعيد تاريخيته على ضوء الثورات التي شهدتها العلوم الطبيعية. وهكذا نلاحظ في الأوساط العلمية والفلسفية أن الإشكال المنهجي لن يعود يعالج بالطريقة الكلاسيكية، أي بالطريقة الرتبية التحديدية وكذلك التصنيفية، بل بدأ يعالج بطريقة ابستمولوجيا. فماذا نقصد باللفظ ابستيمولوجيا؟ .                                              
انطلاقا من تعريف لالوند تعني هذه الكلمة "الابستمولوجيا فلسفة العلوم، ولكن بمعنى أكثر دقة، فهي ليست دراسة خاصة لمناهج العلوم لأن هذه الدراسة هي موضوع الميثودولوجيا، وهي جزء من المنطق، كما أنها ليست تركيبا أو توقعا حدسيا للقوانين العلمية، إنها بصفة جوهرية الدراسة النقدية للمبادئ والفرضيات والنتائج العلمية، إنها الدراسة الهادفة إلى بيان أصلها المنطقي لا النفسي وقيمتها الموضوعية. وينبغي أن نميز الابستمولوجيا عن نظرية المعرفة بالرغم من أنها تمهيد لها وعمل مساعد لا غنى عنه من حيث كونها تقوم بدراسة المعرفة بتفصيل وبكيفية بعدية من خلال تنوع العلوم والموضوعات لا من خلال وحدة الفكر". نلاحظ إذا من خلال تعريف لالوند وجود خلط بين مصطلح الابستمولوجيا والحقول المعرفية الأخرى كنظرية المعرفة ومناهج العلوم وفلسفة العلوم وكذلك تاريخ العلوم. ينطلق تعريف لالوند من هذا التمهيد وذلك من خلال:                                                                                                          1- الابستمولوجيا ومناهج العلوم: الابستمولوجيا هي الدراسة النقدية والعلمية لكل مناهج العلوم ومبادئها ونتائجها وكذلك قوانينها ونظرياتها بينما تهدف مناهج العلوم إلى دراسة وصفية تحليلية لبيان مراحل الكشف العلمي عن مختلف المناهج المتبعة في العلوم.
2- الابستمولوجيا والفلسفة الوضعية: هنا نجد أن الابستمولوجيا هي أوسع وأعمق من المهام التي انيطت بالفلسفة الوضعية، التي تعد أول طرح لإمكان قيام تفكير ابستمولوجي، فهي تمهيد لها حيث كان هدفها خلق بديل من ميتافيزيقا، وذلك بخلق اختصاص علمي جديد يدرس التعميمات العلمية ويهتم بإيجاد العلاقات بين الميادين المعرفية الأخرى، وربط الاكتشافات العلمية بمجموع المعارف الوضعية، وكذلك تلخيص جميع العلوم بمبادئ قليلة مشتركة وعامة، معتبرا أن الثقافة العلمية ضرورية لكل باحث وعالم في قضية المعرفة.
 3- الابستمولوجيا وفلسفة العلوم: الابستمولوجيا لا تهدف إلى بلورة نظرية خاصة عن الحياة أو التنبؤ بحقائق معينة انطلاقا من نتائج العلوم بل هي دراسة دقيقة ومحددة، في حين أن فلسفة العلوم هي مفهوم غامض وعام يهدف إلى الدراسة التأملية في العلوم ونتائجه من اجل تكوين نظرة تركيبية لقوانين هذا العلم أو ذاك، إلا أنهما ينطلقان معا من العلم لكن غايتهما في البحث مختلفان حيث تسعى فلسفة العلوم إلى بلورة نظرية شمولية توحد فيها مختلف العلوم ومعناها في ذلك هو الرجوع إلى روح الفلسفة القديمة، أي ذلك المسعى الميتافيزيقي الباحث دوما عن حقيقة مكتملة تشمل مختلف العلوم.
4- الابستمولوجيا ونظرية المعرفة: يظهر هنا أن موضوع الابستمولوجيا أوسع نطاقا من نظرية المعرفة، وأن اهتمامات الابستمولوجي بالمعرفة العلمية .تجعله فقط ينطلق من العلم في معالجة مشاكل العلم بينما تهتم نظرية المعرفة بمصدر المعرفة، وكذلك تهتم بمعيار وصدق الحقيقة العلمية. وفلاسفة العلم ينطلقون من التأمل الفلسفي ذي طابع الميتافيزيقي لمعالجة الإشكالات الكبرى للقضايا المتعلقة بنشأة المعرفة وكذلك طبيعة الحقيقة في شموليتها.
 5- الابستمولوجيا وتاريخ العلوم: الابستمولوجيا تشمل تاريخ العلوم فهو جزء من الكل فهي أوسع نطاقا وأعم من موضوع تاريخ العلوم، والدراسة التاريخية للعلم تقدم المادة الأولية للدراسة النقدية التي يقوم بها الابستمولوجي من جهة، ويحاول تقديم إطار تفسيري لتطورات العلم عبر التاريخ، أما تاريخ العلوم فإنه يتمتع بأهمية قصوى باعتباره المجال الذي تتجلى فيه التطورات الطارئة على مختلف العلوم وانعكاساتها على تصورات العلماء وتقنياتهم العقلية والعلمية المختلفة، وتاريخ العلوم يبين كيف انتقل الإنسان من التفسير الميتافيزيقي إلى التفسير العلمي، ثم كيف حصلت التطورات على المنهج العلمي في إطار العلوم الطبيعية، فباشلار يعتبر تاريخ العلوم هو تاريخ الأزمات وكذلك تاريخ الوقوع في الأخطاء، وإعادة تصحيحها باستمرار الشيء الذي جعله يرى في تاريخ العلوم هو دعوة مستمرة لإعادة صياغة الفكر العلمي باستمرار.
6- تحديد طبيعة الابستمولوجيا: يطرح البحث الابستمولوجي إشكالات متعددة من بينها: هل تنتمي الابستمولوجيا إلى مجال العلم؟ أم إلى مجال الفلسفة؟ هنا نجد رأيين مختلفين: الأول يدعوا الابستمولوجيا إلى قطع كل صلة لها بالفلسفة، وكذلك التخلص من جذورها الفلسفية إن أرادت أن تصبح علما، ملتزمة بالموضوعية والمنهج العلمي، وذلك على اعتبار أن المعرفة العلمية هي المعرفة الحقيقية، هذه النزعة الوضعية ترى أن موضوع العلم هو الطبيعة، أما الابستمولوجيا فموضوعها هو الدراسة المنطقية في لغة الخطاب العلمي، ونظرا لما يتسم به المنطق الرمزي الحديث من دقة ووضوح ويقين، أدخلت المدرسة المنطقية التجريبية مفاهيم وقضايا المنطق الرياضي الحديث إلى حقل الابستمولوجيا. أما الرأي الثاني فيرى أن الابستمولوجيا هي البديل العلمي المعاصر للفلسفة التقليدية، إلا انه هو الآخر يتسم بنوع من الوضعية، إذ يعتبر أن المعرفة العلمية هي المعرفة الحقيقية، مما يعني عدم مشروعية نظرية أخرى تحاول توحيد نتائج العلوم في رؤية علمية شاملة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
copyright © 2010 الفلسفة من رحاب الجامعة المغربية. All lefts reserved.
تصميم